لا ادعي لنفسي العصمة فكل ابن آدم خطاء وانا اكثر الناس اخطاء ولكن، لأن المسلم هو مرآة اخيه يحب له ما يحبه لنفسه، فإنني اهمس في اذن كل من قلبه معلق بالله ورسوله صلى الله عليه وسلم وانني اجتهد في الاشارة الى الآداب العامة والأخلاقيات الشرعية لتكون هذه محاولة مني ومساهمة انصح بها نفسي وكل اخواني واخواتي واقول لكم:
اتقوا الله وحسنوا اخلاقكم واسمعوا قول رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم وهو يقول :" ان اثقل شيء يوضع في ميزان المؤمن يوم القيامة خلق حسن، وان الله يبغض الفاحش البذيء".
وقوله ايضا صلى الله عليه وسلم:" ان المؤمن يدرك بحسن خلقه درجة قائم الليل وصائم النهار".
وقوله ايضا صلى الله عليه وسلم :" اتق الله حيث ما كنت واتبع السيئة الحسنة تمحها وخالق الناس بخلق حسن".
اذن، يا عباد الله عليكم بتقوى الله واحسنوا ان الله يحب المحسنين. فلماذا ينشغل الكثير منا بعيوب الناس ناسين ومتناسين بأنهم بشر ويقع منهم الخطأ، ونحن ملئنا عيوبا لو اشتغلنا بها وبإصلاحها لأشغلتنا عن عيوب الناس.
واعلموا ان النبيصلى الله عليه وسلم قال:" يا معشر من آمن بلسانه ولم يدخل الايمان قلبه لا تغتابوا المسلمين ولا تتبعوا عوراتهم فإنه من اتبع عوراتهم تتبع الله عورته ومن تتبع الله عورته يفضحه الله في بيته".
اذن فلماذا لا نسعى لإصلاح انفسنا قبل ان نحاسب عليها، فإن الله عز وجل قال في محكم كتابه( ان الذين يحبون ان تشيع الفاحشة في الذين امنوا لهم عذاب اليم في الدنيا والآخرة).
فهنا المراد من اشاعة الفاحشة على المؤمن فيما اتهم به ظلما.
فيا اخي ويا اختي، كيف اذا كان يرفع في عرضه من اهل العلم والصلاح؟ ثم نرميه بالبدعة والطعن في الدين دون بينة ولا تثبت، وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم في هذا :" من قال في مؤمن ما ليس فيه اسكنه الله ردغة الخبال حتى يخرج مما قال".فليحذر الذين يخوضون في اعراض عباد الله وخاصة الصالحين والمصلحين.
فيا اخوتاه، نحن ما فرغنا من عيوب انفسنا حتى نشتغل بعيوب غيرنا ولعل من اشتغل بعيوب الخلق يبتلى بالانشغال عن عيب نفسه. اذن فعلينا ان نقبل على انفسنا فنزكيها بالعمل الصالح والعلم النافع، ونترك الانشغال بالنميمة والسخافات التي لا توصلنا الا لسخط الله وغضبه.
اخوتي واخواتي في الله، علينا ان نعقد عقدة الاخوة في الله، واعلموا ان الاخوة ليست مما يشترى بمال او يورث عن اب، فالمحبة سر ينقدح في قلوب المؤمنين اذا شاء الله له ان ينقدح والاخوة روح يبعثها الله في الأفئدة اذا اراد لها ان تأتلف وتقترب. فهو القائل في فرقانه { والف بين قلوبهم لو انفقت ما في الأرض جميعا ما الفت بين قلوبهم ولكن الله الف بينهم انه عزيز حكيم}.
ويقول الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم :" ان حول العرش منابر من نور عليها قوم لباسهم نور ووجوههم نور ليسوا بأنبياء ولا شهداء" فقالوا :" يا رسول الله، صفهم لنا، فقال:" المتحابون في الله والمتجالسون في الله والمتزاورون في الله".
فأي مكانة ورفعة هذه؟ ومن يرفض ان يكون في هذا المقام؟!
حقيقة لم اكن لأمسك قلمي وأخط كلماتي لولا تفاقم شعوري بالحرمان من الأخوة في الله. فعندما اتخيل امامي صورة الحبيب المصطفى صلى الله عليه وسلم ومجتمع اصحابه -رضي الله عنهم- الساعي الى مرضاة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم وانظر من حولي فأجد هذا المجتمع مليئا بالفحش والرذيلة والأكاذيب والفتن وقلة قليلة القابضة على دينها ، فهي فعلا كما وصفها الحبيب ابو الزهراء صلى الله عليه وسلم كالقابض على الجمر.فأنا اتساءل: لماذا نرفض ان نكون ممن يملك اجمل الصفات؟! ( الأخوة في الله)؟! وهل هناك اسمى من الله رفعة ومكانة؟!
واقول لهؤلاء الذين يحبون ان يفرقوا بين اخوانهم في الله قول النبي صلى الله عليه وسلم :" خيار عباد الله الذين إذا رؤوا ذكر الله وشرار عباد الله المشاؤون بالنميمة المفرقون بين الأحبة الباغون للبرآء العنت".
اذن، فليعلم هؤلاء المشاؤون بالنميمة ان الأخوة في الله نعمة قدسية تشرق بها القلوب التي رضي عنها رب القلوب وهي منحة من الرحمن الرحيم يغدقها على المؤمنين من عباده الذين علم منهم صدق ايمانهم وعميق اخلاصهم.
وان الأخوة سر من اسرار الله يعقده بيده ولا يحل عقدته الا هو تبارك اسمه وجلت قدرته.
فإنها امتزاج روح بروح وتصافح قلب مع قلب ، انها الشراب الطهور الذي يسقيه الله لعباده المؤمنين فينظر المنافقون اليهم نظرات الاستغراب والدهشة.لأن موازينهم الضعيفة لا تحتمل اخوة كهذه ولأن نفوسهم لا تستشرف لمنزلة كهذه.
فأقول لهؤلاء: احبوا الله واعلموا ان من انست نفسه بالله لم يجد لذة في الأنس بغيره. ومن اشرق قلبه بالنور لم يعد فيه متسع للظلام ومن سمت روحه بالتقوى لم يرض الا سكن السماء، ومن احب معالي الأمور لم يجد مستقرا الا في الجنة. ومن احب العظماء لم يقنعه الا ان يكون مع محمد صلى الله عليه وسلم ومن ادرك اسرار الحياة لم ير جديرا بالحب حق الحب الا الله تبارك وتعالى.
الجمعة فبراير 15, 2008 6:22 pm
